اللواء عصام البديوي في حوار لـ«المؤشر»: الدولة لديها رؤية وطنية لتطوير مصانع السكر والإرتقاء بالمنظومة.. والمُزارع توأم هذه الصناعة
حوار حسن أبو خزيم
كشف اللواء عصام البديوي، رئيس شركة السكر للصناعات التكاملية، عن وجود رؤية وطنية للارتقاء بمنظومة السكر خلال الفترة المقبلة؛ ويتمثل ذلك في تحسين جودة الناتج المحلي من القصب بما يحقق التوازن بين جودته وترشيد استهلاك المياه وإحلال منظومة الري بالتنقيط، مشيراً إلى أن شركة السكر والصناعات التكاملية هى شركة مساهمة مصرية تابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية التابعة لوزارة التموين والتجارة الداخلية، أنشئ أول مصنع لها عام 1868 وتنتج العديد من المواد الغذائية والاستهلاكية ومنها السكر الأبيض والبنى والمولاس والعسل الصناعى والكحول بجميع مشتقاته، والخل، وحامض الخليك، والخميرة الجافة والطازجة، والفيناس، والعطور، وحلاوة، ومربى، وعصائر، والخشب الحُبيبى، ويتبع شركة السكر والصناعات التكاملية 8 مصانع لإنتاج السكر من القصب والبنجر فى «دشنا، وجرجا، ونجع حمادى، والمنيا، وقوص، وكوم أمبو، وإدفو وأرمنت»..وإلى نص الحوار.
**في البداية .. كيف تنظر الدولة إلى صناعة السكر وما هي أبرز التحديات التي تواجهكم؟
حجم الاستهلاك المحلى من السكر يزيد عن 3.3 مليون طن سنويا، بينما يتم إنتاج 2.9 مليون طن سكر (1.8 مليون طن من بنجر السكر، 900 ألف طن من قصب السكر، 250 ألف طن من الجلوكوز والهاى فركتوز)، ويتم استيراد نحو 500 ألف طن سكر خام لسد الفجوة.. وشركة السكر والصناعات التكاملية كانت تستلم خلال السنوات الماضية، ما يزيد عن 11 مليون طن قصب سكر سنويا، وحاليًا معدلات التوريد تراجعت إلى 7 ملايين و700 ألف طن قصب سكر، خسارة ما يقرب من 4 ملايين طن قصب سكر تعنى فقدان السوق لما يتجاوز 500 ألف طن، والسكر مادة ارتبطت بعدد كبير من المواطنين وتؤثر فيهم بشكل مباشر أوغير مباشر، ويبلغ عدد العمالة المستفيدة ـ إن لم أكن مبالغاً ـ ما يتجاوز 20 مليون مواطن، فداخل شركة السكر ما يقرب من 17 ألف عامل، وهناك نحو 253 ألف فدان لزراعة القصب، إضافة إلى العمال سواء خلال مراحل زراعته وصولاً لمرحلة التصنيع والمرور بعمالة الكسر والتقشير وغيرها.
والعلاقة بين مصانع السكر والمزارع علاقة توأم ملتصق غير قابل للانفصال، في قطاع نقل القصب علي سبيل المثال يوجد مليون 234 ألف عامل ينقلون القصب والسكر، إلى جانب 600 ألف طن مستورد، وهناك رقم ضخم من العمالة المصرية يعيشون على 8 مصانع سكر، و10 مصانع تحويلية، ومن هنا كان التوجه بأن توضع المصانع ضمن التطوير الشامل الذي يحدث في الدولة.
** وما هي التحديات التي تواجه مرحلة التطوير؟
ما نواجهه من تحديات يأتي في مقدمتها المساحة التي تآكلت نتيجة العزوف عن زراعة القصب، والاتجاه لزراعات أخرى، حيث تراجعت المساحة المنزرعة من القصب من 350 ألف فدان إلى 235 ألف فدان والعام الحالي مرشح انخفاض 13 ألف فدان آخر وقد سددت الشركة العام الماضي 2022 ما يقرب من 6.3 مليار جنيه قيمة ما تم استلامه من مزارعى وموردى قصب السكر، إذ بلغ سعر توريد طن قصب السكر 810 جنيهات في الماضي.
كذلك الرغبة في ترشيد المياه التي استهلكت بصورة مبالغة من أجل الربح السريع، وتأثيرها المباشر على إنتاجية وجودة المحصول الذي يعود بالسلب على صناعة السكر والشركات العاملة به، إلى جانب عدم وفاء المتعهدين بالتوريد بعقودهم واتجاههم للبيع والتوريد لمصانع أخرى غير مرخصة تعمل على توفير أرقام تفوق المقرر لدى شركات السكر أو الدولة؛ الأمر الذي خلق منافسة غير عادلة وتهديدًا لمستقبل صناعة السكر حيث تتجه أغلب مصانع "بير السلم" لشراء القصب لإنتاجه كعسل أسود.
** ماذا عن الخطوات التي اتخذتها الدولة في سبيل إنقاذ هذه الصناعة؟
الدولة بدأت منذ ما يقرب من عامين أو ثلاثة في اتخاذ خطوات محترمة وجادة، للارتقاء في هذا الموضوع، وكان لرئيس الجمهورية الرئيس عبدالفتاح السيسي توجيهاته بالنظر لشركات السكر ومصانعها وتطويرها لمواكبة ما هو جديد في صناعة السكر ليس كمجرد صناعه استراتيجية فقط، فهو مادة متعلقة بمصالح الشعب بأكمله، كما أن المنتجات الأخرى التي يتم تصنيعها من مخلفات قصب السكر والبنجر هامة جدًا وتدخل ضمن مجموعات الكحول والعلف والخميرة وحمض الخاليك، وغيرها.
لذا طرحنا كراسات شروط للتطوير فاز بها تحالف سيجمن، والذي وضع رؤية تطوير انتهت إلى أهمية تطوير زراعة القصب قبل مصانع السكر، حيث كانت المصانع تستهلك 11 مليوناً في السنة، وهو أمر يرتبط بكفاءة إنتاجية القصب والقدرة على استخلاص السكر، ومع تراجع المساحات وتآكلها؛ انخفضت إنتاجية الفدان من 45 طن لـ 32 طنا، ما يؤكد بأن هناك مشكلة كبيرة وأن لدينا تحدٍ في رفع كفاءة الفدان الإنتاجية، ورغم ذلك هذا العام تمكنا من تعويض النقص وتحقيق معدل العام الماضي، وذلك عن طريق زيادة معدلات الاستخلاص وتطوير العملية الإنتاجية وخطوط الإنتاج، كما صدرت توجيهات بإنشاء صوب الشتلات في أسوان وأدفو لتحسين السلالة المستعملة (س9).
** كيف ترى الشركة مسألة التطوير.. وما هي خططها المستقبلية؟
التطوير كشركة نراه في أمور متعددة، منها العناية بجودة وإنتاجية زراعة القصب حيث إننا نحتاج لنحو 66 مليون شتلة (عقلة من القصب) توفر استهلاك المياه وترفع من معدلات الكفاءة الإنتاجية للقصب، أومن خلال التعامل مع النسيج وزراعته معملياً ومنه إلى التربة حتى يعطي عود قصب قوي.
كما أننا نقوم بإعطاء المزارع ما يساعده من سماد وعلف وغيرها من الأمور التي يمدنا بها الموردين ونقوم بخصمها في آخر الموسم، حيث يقومون بوضعها لدينا بصفة الأمانة وتكون بتكلفتها، كذلك نعمل على تعديل العقود القديمة وسيتم العرض على الوزير قبل اعتمادها. ولدينا خطة 2022/ 2023، تتضمن خفض استهلاك الطاقة والمحروقات بشكل كبير داخل المصانع الثمانية التابعة للشركة، بهدف تحقيق طفرة فى الأرباح التى يتم تحقيقها، ويتم تعديل خطة عمل المراجل البخارية البالغ عددها 60 مرجل عن العقد المزمع إبرامه خلال العام الجارى مع الشركة القابضة للبترول.
** مصانع «بير السلم» كما سبق وأشرتم.. كيف يتم التعامل معها؟
نحن نعاني من وجود منافسة غير عادلة سببها المصانع غير المرخصة التي تنافسنا منافسة غير عادلة؛ فنحن مّنْ يدفع تأمينات وضرائب وخلافه، وتقوم مصانع بئر السلم بإهدار القصب في العسل الأسود، لذا نناشد الجهات المعنية بإحكام الرقابة ـ سواء من الوزارات البيئة والصحة وغيرها ـ لمواجهة العصارات غير المرخصة، ومراقبة العصارات المرخصة وخلق أجواء من المنافسة الشريفة.
ونعمل على تسجيل المزارعين بشكل مميكن بالتعاون مع البنك الزراعي لفحص المزارعين الذين تعاقدوا ثم لم يوردوا بالصورة المتعاقد عليها؛ كي يتم التوقف عن إعطائهم المزايا التي يحصلون عليها من دعم وخلافه.
** ماذا عن الصناعات التحويلية؟
كمية السكر المنتجة من القصب تعدل نحو 835 ألف طن، ومسألة إحلال القصب بالبنجر نظراً لاستهلاكه العالي من المياه مسألة غير عادلة، لأن استهلاك القصب كميات كبيرة من المياه ليس عيباً فيه بقدر ما هو تساهل من المزارع الذي يقوم بالغمر وبكميات كبيرة حتى يزيد حجمه، لذا فإن العود يحتوى على 13 % منه فقط سكر والباقي مياه ومصاص، وبدأنا مؤخرا منظومة الري بالتنقيط وهي ما توفر وتحقق التوازن بين ترشيد المياه وجودة المنتج حيث يعطي نسبة حلاوة أعلى.
وكنت قد زرت مصانع قصب في المنيا تقوم بالري عن طريق خراطيم الري بالنشر، وتمنح الدولة قروضاً بدون فوائد على شبكات الري لتغيرها من الري بالغمر للتنقيط دون تأثيرما يساعدنا في تحقيق التوازن بين احتياجات الدولة من السكر وترشيد المياه.
** يقال إن شركة السكر تحصل على مليارات من الصناعات التحويلة.. ما حقيقة ذلك؟
البعض يظن أن شركة السكر تحصل مليارات بفضل الصناعات التحويلية وهذا كلام غير صحيح، فما يتم تحصيله يتم توجيهه في سبيل تخفيض سعرإنتاج السكر، حيث يدعم من 200 إلى 230 جنيه في الطن من عائد الصناعات التحويلية كي يصل السكر للمواطن بسعر 10 جنيه ونصف في التموين. وفيما يخص تطوير الصناعات التحويلية فنحن نعمل على التطوير وفق خطة مدروسة، منها التعاقد على خطوط إنتاج جديدة لصناعة الخميرة والحلاوة، الطحينة، والكحول وغيره من أجل تحقيق المنافسة. كذلك تطوير العمليات الصناعية ورفع معدلات الاستخلاص، وتطوير منظومة ميكنة شركة السكر لتضم المصانع والمخازن ببعض، والاستفادة من كل الإمكانات المتوافرة، وتعظيم الأصول غير المستغلة ومنها نادي الحوامدية الذي أصبح لديه فرق كرة قدم وسباحة، ونادي قوص، إلى جانب تطوير المركز الطبي، والتوسع في مجال القلب المفتوح.
** هل أثرت الأزمات الاقتصادية على إنتاجية السكر والصناعات التحويلية؟
نحن ننتج 82 مليون لتر كحول سنويا، ونستهدف رفعها 82 أخرى، ضمن خطة التطوير المستقبلية، وكنا في السابق نقوم ببيع "المولاس" كمادة خام دون تصنيع أو تحويله لكحول وخل بجانب الكحول، أو حامض خاليك أو مصنوعات للدهان، نتيجة الظروف الاقتصادية لكن مؤخراً بدأنا بتصنيعه. وكانت شركة السكر تتحصل على 10 % أرباح، ثم تراجعت إلى 5%، وبعد أن تنبهت الدولة إلى أن هذه السياسة لن تكون قادرة على التطوير أوقفتها، وأثر ذلك في الصناعات التحويلية التي أُهملت ولم يعد هناك شغف على تطويرها، وركز الأمر على صناعة السكر رغم أهمية تلك الصناعات وخطورتها البالغة، والمصانع المشارك فيها الورق وخلافه. وكان لانخفاض المزروع خسائره وبالتالي نحاول التعويض، إضافة إلى أزمة الطاقة وهي مكلفة نتيجة تقادم الوحدات المستخدمة، فلدينا مراجل بخارية تحتاج من 4 - 6 مليار جنيه لإحلالها، لذا نسعى لإنشاء قطاع ترشيد الطاقة وظيفته تطوير المراجل وتحديثها واستبدالها إذا تطلب الأمرلترشيد الطاقة. كذلك لحماية خطوط نقل القصب، قمنا بالتنسيق مع وزارة الداخلية لحماية خطوط النقل والسكك الحديدية من السرقة، ونسقنا مع مبادرة "حياة كريمة" لمنع تعارض مراحل التطوير مع خطوط النقل، وتم التواصل للاتفاق مع شركة الغاز لتوفيره من أجل التشغيل وقمنا بالتبرع بقطعة أرض في كوم أمبو لانشاء محطة غاز لتوفير الغاز الطبيعي لأهالي كوم أمبو.
** ماذا عن مشاركتكم في مؤتمر المناخ والخطط الصديقة للبيئة؟
مؤتمر المناخ قدمنا خلاله 3 مشروعات بيئية ليس لها أثر سلبي، تستفيد من المادة الخام التي تخرج من الأرض وتساهم في تحقيق التوازن البيئي وخفض درجات الحرارة، إلى جانب أنها تحقق للشركة نسبة مهمة في تخفيض نسبة ثاني أكسيد الكربون، ومصنع "تجفيف الفيناس" وهي مادة كريهة الرائحة تخرج من صناعة التقطير وكانت تلقى في المصارف وتم انشاء مصنع لتجفيف الفيناس بتكلفة 90 مليون جنيه في أبو قرقاص وجاري إنشاء آخرفى الحوامدية، ومادة "الفيناس" تصبح مادة خصبة للأرض بعد تجفيفها. إلى جانب خطة لانشاء مصنع لإنتاج العلف والسماد خاصة وأن لدينا مرشحات تنتج أطنان ما يسمي بـ«طينة المرشحات»، وكنا نتعاقد مع مواطنين لنقلها، ونستهدف منه 3 مصانع في الجنوب، والمشروع الأخيرهو مصنع لإنتاج الوقود البيئي الصحي من البياجاس المصاص الناتج من القصب وتكلفته 2 مليارو 300 مليون، وخلال مؤتمر المناخ اتفقنا مبدئيا علي المشروعين الاولين.
** ماهي آخر نتائج تحالفات الشركة لإنشاء مصنع سكر؟
تعمل الشركه جاهدة للدخول في شراكات مع مؤسسات دولية لبناء مصانع سكر في عدد من الدول التي تسعي لإنشاء مصانع تكرير أو مصانع إنتاج السكر من القصب وأغلبها في قارة إفريقيا.
** ماهي نتيجة عروض الشركات الخاصة بمصانع إنتاج الكحول؟
الشركة تلقت ثلاثة عروض عالمية لإنشاء مصنع لإستخراج الكحول المطلق (99.9%) من مصاص القصب باستثمارات تصل إلى 1.5 مليار جنيه، ويجري حاليا دراسة هذة العروض المقدمة من شركات فرنسية وإيطالية وهندية لإنشاء المصنع الذي يقع على مساحة أكثر من 12 ألف متر وتصل طاقته الإنتاجية المتوقعة إلى 80 مليون لتر سنويا، وإحدى الشركات المتقدمة عرضت القيام بعملية البناء، والثانية عرضت الدخول في شراكة، والثالثة عرضت التمويل مقابل الحصول على المنتج النهائي، وإقامة مصنع أخر لإنتاج الكحول في منطقة نجع حمادي.
** ماذا عن استلام محصول البنجر؟
نخطط لاستلام 23 ألف فدان بنجر سكر من المزارعين فى موسم توريد 2023، والذى يبدأ فى منتصف فبراير وينتهى فى يوليو من كل عام، وتم حتى الآن تحقيق تعاقدات لنحو 20 ألف فدان، ومتبقى 3 آلاف مستهدف التعاقد عليهم خلال الأسابيع القادمة.
** عقدت الشركة اتفاقية مع «البترول» لإقامة محطة غاز طبيعى فى كوم أمبو ما تفاصيل هذا التعاون ؟
قمنا بالتعاون مع « البترول» لإنشاء محطة غاز طبيعى فى كوم امبو، على قطعة أرض تابعة لشركة السكر والصناعات التكاملية، بجوار مصنع سكر كوم امبو، مما يعمل على استفادة المصنع من العمل بالغاز الطبيعى بدلًا من الوقود.
وماهي خطة تطوير المراجل البخارية ؟
نقوم حاليا بعمل خطة لتطوير وإحلال 20 مرجلا بخاريا وإقامة مصانع لاستهلاك المادة الخام من الباجاس (مصاصة القصب) فى إنتاج الكحول ، ضمن مشروعات تطوير وإحلال المراجل البخارية، وإقامة مصانع إنتاج الكحول من الباجاس و تكلفة المشروع الواحد من المشروعات المستهدف إقامتها لن تقل عن مليار جنيه، و«المراجل البخارية» تؤدى إلى حدوث انبعاثات ثانى أكسيد الكربون، وعند عملية الإحلال والتطوير سيتم خفض تلك الانبعاثات، و«المرجل البخارى» هو وعاء مغلق يتم فيه تسخين الماء إلى درجة غليان وتحويله إلى بخار عند ضغط أعلى من الضغط الجوى، ويتم استخدامه فى صناعة السكر من القصب، وقد تم التعاقد مع إحدى الجهات التمويلية، وسيتم البدء فى تطوير المراجل البخارية فى مصنع كوم امبو، ومن ثم العمل فى باقى المصانع المستخدمة للمراجل البخارية والتى تستخدم فى عملها الباجاس أو المازوت كوقود مشغل.